الأربعاء، 8 يونيو 2022


 شكَّل التمدد الروسي في سوريا و شمال إفريقيا و تقليص الهيمنة الأمريكية والأروبية هناك نقطة تحول كبرى تنامت معها مخاوف الغرب و الأمريكيين بالخصوص من انهيار القطبية الأحادية جعلتهم أمام خيار  وحيد بإقحام روسيا في حرب خاسرة لاستزافها بعقوبات وتحطيم اقتصادها يتعذر معه أي نهضة اقتصادية أو تفوق عسكري  .. 

بقلم القيصر_


هذه هي المقالة التحليلية الثانية التي كتبتها حول الحرب الروسية الأوكرانية وحاولت طرحها من منظور آخر  لتوضيح نقاط أساسية من شأنها أن تصلح الفهم لدى الكثيرين الذين ينقادون سواء وراء فيديوات مفبركة يروجها الاعلام الغربي أو  وراء تحليلات لا محل لها من الاعراب تخالف الحقيقة الواضحة والمنطق السليم ..،و خصوصا عن سببين كثُر ذكرهما كعاملين من عوامل الحرب فسبب أول يعزو الأمر إلى المختبرات البيولوجية التي كانت سببا رئيسيا وراء اكتساح روسيا لأوكرانيا و آخرون يقولون أن الصين هي المقصودة بهذا الغزو.. تحليلات لا تقوم على أي أساس و لا تندرج إطلاقا داخل السياق التاريخي للصراع الذي بدأ منذ الأمس وليس وليد اليوم و في مقالتي سأوضح الأسباب والملابسات بشكل واضح و سليم..

و بداية سأتكلم عن ما قبل الحرب بأيام و كنت كما الجميع نستبعدها استبعادا تاما لكن عندما رأيت كيف أن إدارة بايدن لا تحرك ساكنا أمام مطالب بوتين الأمنية و هي مطالب مشروعة و كل يوم تزداد حدة النقاش دون أي استجابة في الردود من الجانب الغربي بشكل  استفزازي مما جعلني يومها أرى الحرب واقعة لا محالة و كتبت يومها مقالة قبل نشوب الحرب بثلاثة أسابيع في الثالث من فبراير  بعنوان "استجابة الغرب لأحد المطالب الأمنية الروسية...سيغير كثيرا من مسار المفاوضات إلى الأفضل.."و قلت يومها بأن "التجاهل للمطالب الأمنية الروسية المتعلقة بأوكرانيا إذا لم يعرف ليونة في الحوار و بقي داخل إطار جاف قد يتحول معه الأمر إلى صدام حقيقي و حرب إذا بدأت ستكون بلا شك حربا كبرى ستجذب إليها الدول المتصارعة كل حلفائها مما يستفحل معه الوضع إلى مأساة و كارثة عالمية لا نستطيع التنبؤ بحجمها الذي يفوق كل التوقعات و قد يؤدي بالعالم إلى حرب عالمية ثالثة.."..

و فعلا بعد ثلاثة أسابيع في 24 من فبراير قامت الحرب التي استغرب لها الكثيرون و لم أستغرب لها لأنها كانت شيئا متوقعا و كل الدلائل قبل أيام من اندلاعها كانت واضحة وضوح الشمس و لا تحتاج إلى قدرة تحليلية لمعرفة مآلاتها..و لأن رفضهم لمطالب بوتين مع تنديدهم بضم أوكرانيا بشكل استفزازي كان يؤدي إلى نتيجة واحدة و مصيرية للجانب الروسي للهجوم كخير ولة للدفاع عن أمنه و سيادته ووجوده..مجموعة من القيم أصبحت على المحح ومهددة بشكل خطير  أكثر من أي وقت مضى..

فهذا الصراع الأزلي المفتوح بين الغرب و روسيا منذ مرحلة التسعينيات عموما و قبل خمسة عشر عاما خصوصا كان بوتين يضع له خططا مستقبلية و  في 2007عندما ألقى كلمته في مؤتمر ميونخ للأمن مشيرا إلى أن "نظام أحادي القطبية لم يعد ممكنا في العالم المعاصر".. و ساعده بشكل كبير خطوة محاولة الغرب بضم أوكرانيا من القيام بعملية حاسمة ستلعب دورا مصيريا في مستقبل علاقاته داخل النظام الدولي..،كما كنت ذكرت في مقالة تحليلية سابقة بعنوان "كان الهدف الأكبر من ضم أوكرانيا للناتو هو تحويل حدودها الشاسعة إلى ثغرة في الجدار الأمني الروسي مما دعى بوتين إلى اتخاذ خطوة حاسمة لقلب المعادلة.."التي نشرتها بتاريخ 28 فبراير بعد بداية الحرب بأربعة أيام و ذكرت فيها أن "و لكي نعلم البعد الحقيقي لما كان يحاول الحلف القيام به من ضم أوكرانيا للناتو  يجب النظر إلى الخريطة و إلى طول الحدود الأوكرانية الشاسعة مع روسيا و التي كانت ستصبح نطاقا جيوساسيا استراتيجيا و حدودا غربية تفتح ثغرة كبرى في الجدار الأمني الحدودي سواء لروسيا أو شقيقتها بلاروسيا..،و بالتالي فإن هذا الاجراء سيعطي للحلف امتيازا جيوسياسيا يعد الأخطر من نوعه في تاريخ روسيا خلال صراعها الطويل مع الغرب وسيفتح منفذا دائما من الصعب إغلاقه مستقبلا..فهذه الحدود إذا أصبحت ملكا مشتركا بين الناتو ستوضع فيها منصات لإطلاق صواريخ كما حدث في رومانيا و بولندا حيث نشر الحلف أنظمة إطلاق صواريخ من نوع mk41 و التي يمكن تحويلها من صواريخ دفاعية إلى هجومية إذا ثُبثت فوقها صواريخ من نوع "توما هوك" تصل إلى مواقع بعيدة لآلاف الكيلومترات داخل الأراضي الروسية و تصبح روسيا هدفا سهلا للغرب في أي لحظة و هذا ما جعل بوتين يتشبت بمطلبه الأمني بما عبر عنه بأن أوكرانيا مجرد أداة لا غير   لمنع تطور روسيا.."..

 وبعده ظهر فيديو انتشر  على نطاق واسع يؤكد النظرية التي كانت واضحة جدا وكان فيه تصريح  "للكولونيل دوغ ماغريغر  كبير المستشارين لوزير الدفاع الأمريكي سابقا"يؤكد ما ذهبت إليه هذا من جهة كما ظهرت فيديوات لبوتين يصرح بأن الحرب كانت شيئا مصيريا نظرا للتهديدات التي أصبحت ذات طابع جدي و متصاعد و أن الاقتراب من أوكرانيا مسألة وجود خصوصا عندما نعلم أن انضمام أوكرانيا للناتو و وضع رؤوس هجومية على حدودها ستصبح معه الصواريخ الغربية لا تفصلها عن الكريملين سوى سبعة دقائق و هو شيء في منتهى الخطورة مما جعل بوتين يلجأ للحرب كوسيلة حاسمة لإبعاد خطر يهدد القومية الروسية و أمنها ولما له من تهديد مباشر على السيادة و الوجود الروسي كما يتيح للغرب التمدد نحو الشرق بشكل مخيف جدا..

و بالنظر إلى السياق التاريخي للنزاع القائم و أيضا إذا قارنّا هذا ببنود وثيقة "العقيدة الروسية"التي عدلها بوتين في 2014عن وثيقة "عقيدة فرض الاحترام"التي وُضعت في 2010 سنجد أن النسخة الجديدة نصت بشكل واضح على  وضع أولوية كبرى للمصالح الروسية داخل النظام العالمي ثقافيا و اقتصاديا وعسكريا و ترسيخ أسس تكفل له السيادة و الريادة و الزيادة في الحجم و القوة وعلى رأسها إيجاد سبل للتقليل من هيمنة الناتو كعدو يسبب له العوائق..، و نرى أن الادارة الروسية قد بدأت حثيثا في تنفيذ مخططات وثيقتها بجدية و التزام نراه جليا في تدخلها في سوريا في سبتمبر  سنة 2015و كان حدث بعد سنة من استعادة جزيرة القرم في 2014 و هو  شيء ينم عن استراتيجية عميقة بدأها بوتين لبسط النفوذ و السيادة على سوريا لكي يستعملها كنقطة انطلاق للتوغل في شمال إفريقيا و جنوب الصحراء خصوصا عبر مرتزقته الشهيرة "فاغنر" ثم الدخول في الصراع الليبي و التمدد لاحقا في المنطقة كلها و تقليص النفوذ الأمريكي و الأروبي هناك..وتتوضح الأمور أكثر عندما قامت روسيا البدء بإجراء تدريبات عسكرية واسعة في البحر الأبيض المتوسط..

فكما كان هذا الاختراق للمصالح الغربية بالمنطقة يجهز به بوتين مراكز  قوى جديدة لزيادة النفوذ و القوة كان أيضا مصدر قلق للجانب الغربي بحيث أصبح يقلل من نفوذهم هناك مما جعل الأمريكيين بالخصوص يرون أن روسيا الاتحادية قد أفردت جناحيها من جديد و باتت تهدد كيانها كسلطة دولية تملك نفوذا اقتصاديا وسياسيا كبيرين قد تصبح معه سيادتهم للقطبية الأحادية لا تستمر لوقت طويل..

و هنا أرادت الإدارة الأمريكية أن تقوم بخطط تعيق تطور روسيا لكن كان يعيقها بشكل خاص في تلك الفترة أن زمام السلطة كان بيد ترامب و هو صديق حميم لبوتين و الكل يعلم بأنه من ساهم في نجاحه بانتخابات باختراق الروس للرسائل هيلاري كلينتون  و ما ترتب عليه ذلك ..فعلاقتهما متوطدة جدا و هنا ندرج ما قالته   ستيفاني غريشام السكرتيرة الإعلامية السابقة بالبيت الأبيض "أن موقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الرئيس فلاديمير بوتين خلف الكواليس "مغاير لما ظهر أمام عدسات الكاميرا"كما ذكرت في كتابها الذي بعنوان "I'll Take Your Questions Now" على لسان ترامب قوله: "حسنا، سأتصرف بقوة أكثر قليلا معك (بوتين) لبضعة دقائق ولكن هذا للكاميرات وعندما يغادرون سنتحدث، تفهمني.."..

فترامب الذي تم تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في الفترة بين 20 يناير 2017 و20 يناير 2021 طيلة هذه الفترة لم تحرك أمريكا ساكنا بخصوص تحركات وتطلعات بوتين في ظل تواجد صديقه على سدة الحكم، فالعلاقة الجيدة بين الرئيسين هي التي أخرت التدخل الأمريكي في خطط بوتين منذ 1915 حتى 1920 وعند تولي بايدن للحكم استعادت الادارة نشاطها و حاولت استدراك الأمر  فكانت خطتها بإقحام بوتين في حرب أوكرانيا  لاستنزاافه و إعاقة كل تطور لروسيا ..



روابط مقالاتي السابقة:

1_رابط مقالتي "استجابة الغرب لأحد المطالب الأمنية الروسية...سيغير كثيرا من مسار المفاوضات إلى الأفضل.."

https://web.facebook.com/photo.php?fbid=947195502824184&set=pb.100026012285036.-2207520000..&type=3

2_تصريح الكولونيل دوغ ماغريغر  كبير المستشارين لوزير الدفاع الأمريكي سابقا

https://web.facebook.com/watch/?v=335782548482409

3_


 قائد الدولة ..

القيصر
 

قائد الدولة يلزمه التميز  بمجموعة سمات تمكنه من الحفاظ على  ثبات و استقرار  الأوضاع داخل الدولة و ترسيخ أسس من شأنها ترسيخ قيمها القومية و حماية سواء أهدافها العليا أو مصالحها الوجودية 

و من الضروريات التي يجب توفرها في قائد الدولة الخبرة السياسية و العسكرية__

و أيضا لا ننسى أهمية الجانب الأخلاقي والإنساني و اكتسابه مجموعة من الصفات الشخصية التي تمكنه من تخطي الحواجز و مواجهة التحديات والجرأة في اتخاذ قرار معين يحقق مكاسبا لقوميته..

القيصر


 



رؤية سريعة حول المقترب المؤسسي كإطار  نظري داخل مفهوم الاقتراب في النظريات الدولية:

بقلم يوسف القيصر_01_04_2022

لقد جاء المقترب السياسي بمفاهيم نظرية حول الفرضيات السياسية كمنهجية جديدة لدراسة الظاهرة السياسية ذات المتغيرات المستمرة يعتمد من خلالها الباحث أو المُنظر إطارا تحليليا بذاته لتحليلها بشكل واسع و دقيق على أسس رشيدة ومتطورة و إيجاد تفسيرات ناجعة لها ..و قد تمخضت هذه الدراسات حوله عن جملة من المقتربات تعتبر استراتيجية جدا في العلوم السياسية لعل أهمها المقترب المؤسسي الذي جاء كمرحلة متطورة بعد المقترب التاريخي والقانوني لإضافة مفاهيم من شأنها توسيع دائرة التفسيرات حول الظاهرة السياسية بشكل عام .. ومن أبرز أسسه التي وُضع من أجلها هو  اعتماده مؤسسة الدولة كوحدة للتحليل و استطاع أن يضيف في هذا الاتجاه إضافات هامة و بناءة مما خوله أن يتبوأ مكانة سامية داخل علم السياسات المقارنة  كمنهجية فعالة لما  تقوم به من دور هادف في البناء النظري السليم و حاول إخراج الظاهرة السياسية من حيز  ضيق ينحصر  في المفاهيم الدستورية والقانونية التي تتمحور بشكل خاص حول مؤسسات الدولة من جانب وصفي وتاريخي فقط إلى حيز أوسع يدرسها من جوانب إيدولوجية كبرى تشمل رؤى وأوطروحات اقتصادية و اجتماعية و هي ما عرفت آنذاك بالمرحلة التقليدية ..

بقلم القيصر



 نظرة حول الدور الأممي..

بقلم يوسف القيصر

هذا سؤال واسع المعطى و الدلالات و اسمحوا لي أيها السادة بالتوقف هنا قليلا ، وأول شيء يجب توضيحه هو قصور الدور الأممي في معالجة الأزمات سواء الاقليمية أو تلك المرتبطة بالصراعات الداخلية وهذا يتبين من خلال المفارقة في الإشكالية الكبرى و الذي نلمسه في الفرق الكبير بين عمق المعضلة السياسية أو المعضلة الدولية و بين سطحية أو القصور الكبير للدور الأممي سواء على المستوى السياسي أو الأمني بهذه الدول يتعذر معه إيجاد حلول حقيقية و بناءة لإنقاذ ملايين البشر يعيشون أشد أنواع المعاناة الإنسانية..

فالأمم المتحدة عبر تاريخها الطويل فهي من الصعب أن تحل أزمة معينة إذا كانت هناك مصالح وراءها من دول كبرى كما حصل مثلا في الصومال و فشلها في نزع سلاح أمراء حرب موقاديشو و أيضا لم تستطع منع مذابح الابادة الجماعية في رواندا  والقائمة طويلة ..فمعادلة الصراع تسير وفق استراتيجيات من دول كبرى بل أصبحت الأمم المتحدة في كثير من الأزمات آلية في يد هذه الدول توجهها لتحقيق أهدافها..

فبدءا من الملف الاسرائيلي الفلسطيني مرورا إلى ليبيا و العراق و لبنان وانتهاء بسوريا واليمن سنجد كما هائلا من الانتهاكات الفظيعة و الجسيمة بالقانون الدولي الإنساني بهذه الدول بحيث يغيب التدخل الفعلي الأممي باستثناء بعض التحركات الدبلوماسسة و اللقاءات التي لا تحدث أي فوارق أو نتائج حقيقية حول الأزمة..

فسواء في اليمن أو سوريا اللذان تعانيان الأمرين فليس هناك تعاون أو خلق لأي حوار حقيقي و بنّاء مع هذه الدول المتضررة بخصوص ما يحدث من انتهاكات كبرى في أراضيها من إهدار كبير لحق الانسانية بل كل ما نراه مجرد أجندات فارغة تخدم أهدافا أخرى..

وهذا القصور في آليات الأمم المتحدة ينبع من التعارض الكبير بين المنطقين القانوني و الاجرائي فالأول يتم التوقيع عليه لكنه يبقى حبرا على ورق دون أن يمر عبر الوظيفة الإجرائية لسبب أول يتمثل في هيمنة الفاعلين الدوليين الكبار على أجنداته الذين يعيقون هذه الاجرءات ويدفعونها دائما نحو ما يخدم مصالحهم وأهدافهم العميقة..

فالدور الأممي يبقى عاجزا بشكل تام أمام هذه الأزمات خصوصا عندما يتم تحويل صلاحياته إلى جهات أخرى بما يصطلح عليه "بخطف الصلاحيات"مثلما حصل منذ 3سنوات حول الملف السوري حين نزعت روسيا الصلاحيات السياسية لمجلس الأمن وحولتها إلى جنيف خدمة لمصالحها و استثماراتها..

فمثلا على مستوى الأزمة السورية فإن الدور الأممي شبه مقيد لحوالي عشرة سنين و ستبقى هذه الحسابات للفواعل الدوليين لتحقيق مصالح ربحية و توازنات سياسية أكبر معطل للدور الأممي الذي ينقاد لها انقيادا تاما و سيقف معه عاجزا عن إيجاد حل حقيقي لهذه الأزمات الكبرى الشيء الذي سيزيد من حجم المأساة الانسانية بشكل يندى له الضمير الانساني..

القيصر



 طبيعة المرحلة أنتجت أنواعا أخرى من الأحلاف لتساير النظام الدولي وفق بنيته الجديدة..

بقلم يوسف القيصر14_03_2022

و نتيجة للتغيرات الكبرى التي شهدها العالم عرفت الأحلاف أيضا تغيرات جديدة على مستوى بنيتها و طبيعتها و تحول بعضها من حلف ذو طابع مؤسسي طويل الأمد إلى حلف أكثر مرونة مع آليات النظام الدولي الجديد مثل الشراكات الأمنية المحدودة بين الدول  والتحالفات الجزئية فنجد مثلا الأحلاف الهجينة و هي تكتل يجمع بين دول ومنظمات و أيضا أحلاف سيبيريية و هي تختص بالمواجهات مع التهديدات الرقمية وهناك كذلك الأحلاف الناعمة التي ذكرت ذات سمة اقتصادية و تتعامل مع العراقيل الأمنية بطريقة سلمية دون تدخل عسكري..

 و لا ننسى المنظمات المسلحة التي تعقد تحالفات غير رسمية قصيرة المدى و تشتغل بشكل خفي،و تبقى التحالفات العسكرية الصلبة هي الآلية الوحيدة الفعالة في حل الصراعات الدولية على مختلف مستوياتها ،



 الصراع الجيوسياسي حول الموارد الطاقية..

بقلم القيصر

لقد شكَّل الصراع بين الدول على الأهداف الجيوستراتيجية العامل الأبرز في جل    النزاعات الإقليمية الدولية سواء حول السيادة على الأرض أو حول الموارد حيث يعتبران من أهم العوامل التي رسمت المشهد العالمي طيلة تاريخه، فاستراتيجية الصراع بين الدول تحركها مصالح و أهداف كبرى و عبر المشهد السياسي التاريخي فإن هذا الصراع يتخذ غالبا صفة جيوسياسية إما حول الأرض مثلما يحصل حاليا في الأزمة الأوكرانية الروسية أو مثلما حدث في بحر الصين الجنوبي بين الصين والولايات المتحدة واتخذ الصراع آنذاك منحى متسارعا في ضل تنامي تخوفات الأميريكين من السياسة التوسعية للصين في النطاق المتنازع عليه وأيضا تخوفها من مد سيطرتها هناك بشكل كامل وغيرها من الأمثلة الكثيرة..،و أيضا يتخذ صفة جيوسياسية طاقية مثلما حصل بالشرق الأوسط و هجوم أمريكا على العراق تحت ذريعة أمنية لدعم الكويت لا لشيء إلا من أجل براميل البترول  ..

و بالحديث عن التنافس حول منابع و معابر الطاقة الذي يتخذ دائما شكلا خفيا تحت مسميات أخرى و ذرائع أمنية مختلفة يبقى هو المحرك الأول للدول الكبرى و كما تشكل الطاقة وجها من وجوه الصراع تجعل الهوة واسعة بين الدول و أيضا فهي من جهة أخرى وجه من وجوه تصالح المصالح و توثيق الروابط..

فمن خلال تتبع المسار التاريخي فإنه يمكن التنبؤ بشكل كبير بأن توجه الدول إلى تأمين حاجياتها من الغاز بدل النفط لن يغير في سلوكياتها و استراتيجية الصراع ستبقى كما هي و لن تتغير كثيرا عن السابق سواء كان النزاع حول آبار النفط أو منابع الغاز و كل ما سيتغير هو تحويل المصالح من جهة لأخرى فقط وكل دولة كبرى ستقوم بالتحكم في نطاق طاقي حيوي و تأمين الغاز اللازم لها بما تملك من مقومات دبلوماسية وقدرات اقتصادية و عسكرية..

بقلم يوسف القيصر باحث في  الاستراتيجات السياسية.

 شكَّل التمدد الروسي في سوريا و شمال إفريقيا و تقليص الهيمنة الأمريكية والأروبية هناك نقطة تحول كبرى تنامت معها مخاوف الغرب و الأمريكيين بال...