نظرة حول الدور الأممي..
بقلم يوسف القيصر
هذا سؤال واسع المعطى و الدلالات و اسمحوا لي أيها السادة بالتوقف هنا قليلا ، وأول شيء يجب توضيحه هو قصور الدور الأممي في معالجة الأزمات سواء الاقليمية أو تلك المرتبطة بالصراعات الداخلية وهذا يتبين من خلال المفارقة في الإشكالية الكبرى و الذي نلمسه في الفرق الكبير بين عمق المعضلة السياسية أو المعضلة الدولية و بين سطحية أو القصور الكبير للدور الأممي سواء على المستوى السياسي أو الأمني بهذه الدول يتعذر معه إيجاد حلول حقيقية و بناءة لإنقاذ ملايين البشر يعيشون أشد أنواع المعاناة الإنسانية..
فالأمم المتحدة عبر تاريخها الطويل فهي من الصعب أن تحل أزمة معينة إذا كانت هناك مصالح وراءها من دول كبرى كما حصل مثلا في الصومال و فشلها في نزع سلاح أمراء حرب موقاديشو و أيضا لم تستطع منع مذابح الابادة الجماعية في رواندا والقائمة طويلة ..فمعادلة الصراع تسير وفق استراتيجيات من دول كبرى بل أصبحت الأمم المتحدة في كثير من الأزمات آلية في يد هذه الدول توجهها لتحقيق أهدافها..
فبدءا من الملف الاسرائيلي الفلسطيني مرورا إلى ليبيا و العراق و لبنان وانتهاء بسوريا واليمن سنجد كما هائلا من الانتهاكات الفظيعة و الجسيمة بالقانون الدولي الإنساني بهذه الدول بحيث يغيب التدخل الفعلي الأممي باستثناء بعض التحركات الدبلوماسسة و اللقاءات التي لا تحدث أي فوارق أو نتائج حقيقية حول الأزمة..
فسواء في اليمن أو سوريا اللذان تعانيان الأمرين فليس هناك تعاون أو خلق لأي حوار حقيقي و بنّاء مع هذه الدول المتضررة بخصوص ما يحدث من انتهاكات كبرى في أراضيها من إهدار كبير لحق الانسانية بل كل ما نراه مجرد أجندات فارغة تخدم أهدافا أخرى..
وهذا القصور في آليات الأمم المتحدة ينبع من التعارض الكبير بين المنطقين القانوني و الاجرائي فالأول يتم التوقيع عليه لكنه يبقى حبرا على ورق دون أن يمر عبر الوظيفة الإجرائية لسبب أول يتمثل في هيمنة الفاعلين الدوليين الكبار على أجنداته الذين يعيقون هذه الاجرءات ويدفعونها دائما نحو ما يخدم مصالحهم وأهدافهم العميقة..
فالدور الأممي يبقى عاجزا بشكل تام أمام هذه الأزمات خصوصا عندما يتم تحويل صلاحياته إلى جهات أخرى بما يصطلح عليه "بخطف الصلاحيات"مثلما حصل منذ 3سنوات حول الملف السوري حين نزعت روسيا الصلاحيات السياسية لمجلس الأمن وحولتها إلى جنيف خدمة لمصالحها و استثماراتها..
فمثلا على مستوى الأزمة السورية فإن الدور الأممي شبه مقيد لحوالي عشرة سنين و ستبقى هذه الحسابات للفواعل الدوليين لتحقيق مصالح ربحية و توازنات سياسية أكبر معطل للدور الأممي الذي ينقاد لها انقيادا تاما و سيقف معه عاجزا عن إيجاد حل حقيقي لهذه الأزمات الكبرى الشيء الذي سيزيد من حجم المأساة الانسانية بشكل يندى له الضمير الانساني..
القيصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق